غزة/ دعاء الحطاب:
يرى مختصان بالشأن السياسي الفلسطيني، أن عملية إطلاق النار البطولية في مدينة القدس المحتلة، والتي أدت الى مقتل سبعة مستوطنين وإصابة آخرين، تُشكل ضربة قاسية للمنظومة الأمنية الإسرائيلية، وتُظهر مدى هشاشتها وعجزها في تحقيق ما تسميه بـ «صفر مقاومة».
وأجمع المختصان في أحاديث منفصلة لـ «الاستقلال»، أن العملية جاءت رداً طبيعياً على جرائم الإبادة الإسرائيلية المتواصلة بحق أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وصباح الاثنين الماضي، أعلنت مصادر طبيّة إسرائيلية عن مقتل 7 مستوطنين، وإصابة آخرين في عملية إطلاق نار استهدفت حافلة في القدس المحتلة.
وذكرت القناة «12» العبرية، أن مسلّحين هاجما الركاب داخل حافلة في الخط رقم «62» على مفترق «راموت» في القدس، ما أدى لمقتل 7 مستوطنين وإصابة 20، بينهم 12 وصفت إصابتهم ما بين الخطيرة والحرجة.
أبعاد ودلالات عدة
الكاتب والمحلل السياسي عدنان الصباح، أكد أن عملية القدس البطولية تُشكل ضربة قاسية للمنظومة الأمنية الإسرائيلية، باعتبارها وقعت في منطقة أمنية تخضع للمراقبة على مدار الساعة، مؤكداً أنها تحمل في طياتها أبعاد ودلالات عديدة تُربك حسابات العدو.
ويقول الصباح خلال حديثه لـ «الاستقلال»:» أن هذه العملية كانت مدروسة ومخطط لها بشكل جيد من قبل منفذيها، فرغم وجود كاميرات المراقبة، الا أن المنفذان استطاعا اختراق العديد من الحواجز العسكرية والثغرات الأمنية، وأطلقا الرصاص دون أن يتم السيطرة عليهما منذ اللحظة الاولي».
وأوضح أن ما جري في القدس يٌظهر هشاشة وعجز الأجهزة الأمنية في منع عمليات المقاومة، وأنها لن تتمكن من تحقيق ما تسمية بـ «صفر مقاومة» بالقدس والضفة الغربية، فـ(إسرائيل) تدّعي أنها تحبط شهرياً أكثر من 20 عملية قبل وقوعها، لكن وقوع عمليات بهذا الحجم يفضح محدودية هذه القدرة، ويؤكد أن «الانتصار الكامل على المقاومة مجرد وهم».
ونوه الى أن العملية أعادت تسليط الضوء على مركزية القدس في الصراع، مضيفاً:» ما زال الإسرائيلي يتعامل مع الفلسطينيين كجغرافيا إرهاب، متجاهلاً حقوقهم الوطنية والسياسية المكفولة دولياً، وبقاء هذه النظرية الإسرائيلية سيجعل كرة النار متدحرجة بلا حدود».
وبين أن توقيت العملية دلالة على فشل «إسرائيل» بتحقيق مخططتها الاستراتيجية المٌتمثلة بـ «ضرب وحدة المقاومة الفلسطينية، وجعل غزة كيان سياسي مُنفصل، واستعادة قوة الردع الإسرائيلية، وأرسلت رسائل واضحة عن قوة وفاعلية المقاومة، ووحده الساحات الفلسطينية.
وأشار الى أن العملية جاءت بالتزامن مع استهداف مطار ريمون بالمسيرات اليمنية، وكمين جباليا الذي أسفر عن مقتل أربعة جنود، مما يثبت أن كل ما فعلته «إسرائيل» خلال عامين لم يؤثر على جدوة المقاومة في القدس وغزة.
ومن جهة أخرى، تأتي العملية عقب تصريحات بنيامين نتنياهو بشأن تهجير الفلسطينيين من غزة، وتحذيرات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لحركة حماس من عواقب رفضها شروط المقترح الأخير، بالتالي جاءت لتؤكد أن كافة التهديدات والإجراءات الإجرامية بحق شعبنا لن تؤدي الا لنتيجة واحدة وهي «زيادة أعمال المقاومة ونجاحها». وفق الصباح.
ويتوقع أنه في حال لم يتدخل المجتمع الدولي ويجد حل حقيقي يُرضي الشعب الفلسطيني ويستجيب لحقوقه الوطنية المشروعة، ستتصاعد المقاومة يوماً بعد الآخر، خاصة في ظل تزايد حجم الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية بحقهم.
مأزق سياسي
وبدوره، يرى المحلل والكاتب السياسي عماد أبو عواد، أن عملية القدس التي جاءت بعد فترة طويلة من الهدوء بأراضي الضفة الغربية، تضع قادة حكومة الاحتلال ومنظومتها الأمنية في مأزق سياسي كبير.
وأوضح أبو عواد خلال حديثه لـ «الاستقلال»، أن العملية جاءت في وقت بالغ الحساسية، فقبل يومين من تنفيذها كان وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير يتفاخر بأن حكومته استطاعت منع العمليات الفلسطينية داخل إسرائيل، والقضاء على «الارهاب» بشكلٍ مطلق بالضفة الغربية، بالوقت ذاته كان الشاباك يُحذر من غليان وشيك بالضفة الغربية، إلا أن ذلك لم يؤخذ بعين الاعتبار، مما أثار غضب الشارع الاسرائيلي.
وبين أن العملية تكشف تصدع الداخل الإسرائيلي، وتزايد حالة القلق وفقدان الثقة في القيادة السياسية والعسكرية، كما تؤكد فشل الاستراتيجية الإسرائيلية القائمة على الردع، فرغم القبضة الأمنية ما زالت العمليات تقع في قلب القدس.
وشدد على أن كافة الإجراءات التعسفية التي يتبعها الاحتلال بالضفة الغربية والقدس، من «حواجز، واعتقالات، واقتحامات، وترهيب، وهدم بيوت، وتدمير كافة الأفق الاقتصادية وغيرها» لن تمنع الفلسطيني من الوصول لهدفه، وخاصة ان هذا النوع من العمليات لا يحتاج إلى تنظيم وتخطيط مٌعقد.
ولفت إلى إن العملية أرادت إيصال رسالة لنتنياهو مفادها أن « المقاومة الفلسطينية لن تستسلم ولن ترفع الراية البيضاء، ولن تقدم التنازلات لنتنياهو على طبق من ذهب».
وبحسب أبو عواد، فإن عملية القدس وكمائن المقاومة المستمرة بقطاع غزة، تكشفان أن الاحتلال عالق في معادلة مستحيلة: فهو لا يستطيع حسم المعركة في غزة رغم القوة النارية الهائلة، ولا يملك وسيلة حقيقية لمنع العمليات في الضفة والقدس.
التعليقات : 0